الجنسانيــــّة في الأدب العربي القديم

“في مرايــــــا العنف”

 وفي جميع هذه المرويات تظهر النساء بوصفهن “شيطانات متلونات”.  هذا ويغلب على هذه المدونات الفكاهة والسخرية، التي تحمل في طياتها كراهية للنساء. بحيث “تعبر العدوانية عن نفسها بعدة طرق، أحدها الضحك، فالأدبيات الكارهة للنساء، وهي الوسيلة الرئيسية للعدوانية الذكورية، تحمل في طياتها العظة والفكاهة في نفس الوقت،” وتحت هذه الفكاهة يظهر الجنس فعلاً عدوانياً صرفاً، فالتعبير عنه يتم بكلمات كالبطش والانتهاك والاستلاب، من قبل طرف نحو طرف أضعف أو مستباح.

 وفي هذه الروايات يظهر الجنس معادلاً للإهانة، فـــ “البصائر والذخائر” على سبيل المثال، تزخر بنصوص تنتهك صورة المرأة، وتجعل منها هدفاً خاضعا وأقل قيمة. ولم تقتصر هذه الانتهاكات على الخطاب الأدبي أو الشعري أو الفقهي، بل ورد في هذه المرويات أنّ القائمين على شعائر الدين كانوا يبيحون هذه الانتهاكات، عبر التلاعب بتفسير النصوص القرآنية.

 ويعتقد البعض أنه ومما يلفت النظر حقاً هو “انحسار العدوانية في القرن التاسع عشر وعودتها للظهور في أدبيات القرن العشرين”.

 أي قراءة انقلابيّة جديدة تشِّرع للاختلاف وتنفي التعصب والانغلاق، فالجنسانية العربية على غرار الظواهر الاجتماعية المتعددة: مرآة يمكن لنا أن نحدق فيها، وأن نتحرى الحقيقة بأجسادنا، لأن الحقيقة فكرية وجسدية معاً.

  ولعل أهم نتيجة لتنميط المرأة واغترابها عن جسدها وفقدها لكينونتها، هو زجها في صراعات وهميّة مع بنات جنسها،الواحدة ضد الأخرى كمتنافستين، الحرة مقابل الأَمة، الزوجة مقابل الجارية”.

عبر مقاربة جديدة للجنسانية العربية القديمة، مقاربة تفسر وتفكك وتؤسس لمشروع حداثي متحرر وحقيقي. وهي ستعمل في أفق مشروع عربي. لا يستمد من الحداثة الغربية نسغ وجوده، بل يضع معوله في تربة التراث. متمثلاً قول أبقراط “يـــــُداوى العليل بحشائش أرضه”.

هوامش:

– كيت ميليت، ت: عايدة سيف الدولة النسوية والجنسانية: السياسات الجنسية (سلسلة ترجمات نسوية، (مصر، مؤسسة المرأة والذاكرة، ط20161)

-شهاب الدين احمد التيفاشي. نزهة الألباب. تحقيق جمال جمعة (لندن. منشورات دار الريس، ط1 1992)

-أسامة أسبر، الإسلام في مرايا العنف (مقال منشور في موقع جدلية)

-عبد الصمد الديالمي، سيسيولوجيا الجنسانية العربية، (بيروت، دار الطليعة، ط2009)

اترك تعليق