لبانة غزلان
__________________________
يأتي مقتل الطفلة مريام يامن مسعود (16 عام) وشقيقتها وئام (18 عام) كنهاية واردة لسلسلة انتهاكات طالت الطفلتين، دون أي رادع قانوني أو أخلاقي. وإن كان القتل رمياً بالرصاص أشد هذه الانتهاكات عنفاً.
فأن تكنَّ متزوجات بعمرٍ لم يتجاوز الأربعة عشر عاماً، وأمهات لثلاثة أطفال أحدهم رضيع بعمر الأشهر، يعني أنه انتهاكٌ صريحٌ للطفولة والحق في الاختيار، قبل أن يتم انتهاك حقهما في الحياة وقتلهما بجريمة وحشية خلفت ثلاثة أيتام لا ذنب لهم، وسلسلة لا منتهية من العنف.
لا تقل جريمة تزويج القاصرات فداحةً عن جرائم الوأد أو القتل العمد، في ظل قصور قانوني، وعدم وجود عقوبات رادعة، حيث أن القانون الذي حدد سن الزواج لكلا الجنسين بثمانية عشر عاماً، يعطي بمادته رقم 18 من قانون الأحوال الشخصية للقضاة الحق في تزويج كل من أتم الخامسة عشر عاماً، وادعى البلوغ، إذا ثبت صحة ادعائه واحتمال جسده ومعرفته بالحقوق الزوجية.
وعند سؤالنا عمّن هم/ن تحت سن الخامسة عشر، كما في حالة الطفلتين مريام ووئام، أجابتنا المحامية والناشطة الحقوقية (ش.أ) بالتالي: ” يستطيع ولي الأمر تزويج ابنته القاصر زواجاً دينياً (عقد شيوخ) وهو مقبول ومبارك اجتماعياً، وعند حدوث الحمل تلزم المحاكم بتثبيت الزواج رسمياً”
وبالتالي نجد أنه من السهل جداً ارتكاب هذا الجرم، بل وإجبار القضاء على توثيقه والاعتراف به فضلاً عن ذلك مهما كان عمر الفتيات/ الفتيان.
إن تجريد جرائم قتل النساء من سياقها المجتمعي والقانوني، يجعلنا شركاء في الجريمة. سلسلة العنف ضد النساء تبدأ بالإكراه والتربية التمييزية الظالمة، يرافقها انتهاك لحقوق الطفولة، وحرمان من التعليم، والتزويج القسري للقاصرات، وتكريس للتبعية والإذلال، لتنتهي المحطة للكثيرات بانتهاك حق الحياة وتعمد القتل.
لا شك أن مريام ووئام ليستا الحالة الأولى من نوعها في مدينة السويداء، فانتشار السلاح والمخدرات والفلتان الأمني، زاد من معدلات الجريمة عموماً، ومعدلات جرائم قتل النساء خصوصاً، جميع هذه الجرائم لا تقع مسؤوليتها فقط على عاتق من قام بفعل الطعن أو الذبح أو إطلاق الرصاص، بل على منظومة المجتمع بأكمله الثقافية والأخلاقية، وانتشار العنف، فضلاً عن القصور القانوني وغياب العقوبات الرادعة.
يبقى السؤال حاضراً من سيأخذ بيد ضحايا العنف؟ وإلى متى ستستمر هذه السلسلة؟
#حق_وئام_ومريام