الفصائل العائلية.. خطر جديد يهدد السلم الأهلي في السويداء

سلام علم الدين

أصبحت فكرة انشاء فصائل أو مجموعات عسكرية منظمة تحت مسميات عائلية فكرة مغرية للكثير من أبناء العائلات في السويداء، ومكمن الاغراء فيها هو تحقيق الوجود والاحساس بالحماية والقوة في مجتمع ينحو باتجاه التفكك وتنتشر فيه شتى انواع الجرائم ويغلب عليه الطابع المسلح مع انتشار كبير للفصائل العسكرية والميلشيات المتناحرة، وكذلك عصابات الخطف والسرقة. في ظل غياب كامل للأجهزة والمؤسسات المعنية بالحفاظ على سلطة القانون ومكافحة الجريمة وحماية حياة وحقوق وكرامة الناس.
ولعل حالة القلق والخوف والترقب من المستقبل المجهول للمنطقة، وما قد تحمله الأيام القادمة من حالات اقتتال، أو صراعات بين أجندات متعددة الولاءات . _ والتي يغيب عنها تماماً أي مشروع وطني _ يسهم في خلق حالة قبول أو حماس أحياناً لهذه المشاريع ذات الصبغة العائلية المسلحة باعتبارها ملجأ أخيراً للحماية الذاتية.
إن أخطر ما في الأمر أن هذا التوجه سوف يضيق الخناق على ما تبقى من إمكانية للعيش في السويداء، فرغم صعوبة الحياة ومخاطرها إلا أنه من المعروف أن شبكة الروابط والعلاقات العائلية في السويداء هي ما يمنع من انزلاق المجتمع الى حالة الإحتراب الاهلي، ويسهم في تخفيف التوتر وحل كثير من النزاعات والقضايا العالقة، والتي من الممكن أن تتطور إلى تهديد حقيقي للسلم الأهلي في حال تركت متأججة. وليس بمستبعد أن تَورط العائلات اليوم بتشكيل فصائل وميلشيات للحماية سيتحول بعد فترة إلى اقتتال فيما بينها تحت ذرائع مختلفة وخدمة لأهداف وأجندات ومصالح القوى المتناحرة. ولعل التركيبة العائلية للمجتمع في السويداء والتاريخ الذي لا يخلو من الصدامات الدموية بينها، ينذر بصراع بين العائلات بدأ يلوح بالأفق، لا سيما اذا ما استُثمرت هذه الفصائل العائلية في صراع ومصالح القوى المتناحرة.
لا بد إذن من التنبيه والتحذير إلى أن تشكيل فصائل عائلية مسلحة يحمل أخطار كثيرة على المجتمع ويورط العائلات ذاتها في اقتتال أهلي. وذلك لعدة أسباب:
فهي أولاً: تعني خلق حالة من التأهب للصراع العائلي وامكانية كبيرة، للدخول بأية لحظة في اقتتال تحت مسميات عائلية، مستبعدة بذلك كل الحلول العقلانية لحل المشاكل. وتدفع بالمزيد من الانقسام بين العائلات وتهدد بشكل صريح السلم المجتمعي.
وهي ثانياً: تغري هذه المجموعات المسلحة أو الفصائل بعض المنضوين تحتها إلى افتعال المشاكل سواء كان هذا الأمر عن حسن نية أو سوء نيه وبالتالي قد تعمل على جر العائلة والفصيل معها، وهذا الأمر لا بد من الوقوف عنده كثيراً لما له من نتائج كارثية على آلية حل المشاكل حيث تصبح لغة القوة والعنف والسلاح هي اللغة السائدة بين الفصائل العائلية.
وثالثاً والأهم أن تشجيع بعض الجهات المنوط بها تنفيذ القانون وحماية المجتمع واستثمارها في هذا المشروع ودعمه، يجر العائلات بشكل غير مباشر لوضعها وجهاً لوجه في صراع مع الفصائل المختلفة في المحافظة. وبالتالي ينتقل الصراع في المنطقة من مستوى سياسي تحكمه المصالح الاقليمية والدولية إلى مستوى الصراع الأهلي المحلي، حيث ستجد العائلة نفسها جزءاً من صراع ومواجهة مسلحة مع عائلات أخرى يؤسس لحالة عداء مستدامة ونزعات ثأرية قد تستمر لسنوات وأجيال وهو أخطر ما قد يصيب المجتمعات ذات الخلفية العشائرية .
أخيراً:
في تموز2018 تعرض الجبل بشكل مباشر إلى اعتداء وحشي من قبل تنظيم داعش الارهابي، وحينها وقفت القرى الشرقية موقف بطولي واحد مع جميع أبناء المحافظة لدحره، وقد اثبتت فيه قيم الشجاعة والتعاون. فلماذا نعمل اليوم على تكريس الانقسام ونحن أحوج ما نكون إلى لم الشمل لاسيما أن الجنوب السوري أصبح محط صراع وتنازع لقوى مختلفة وأن مصلحة أبنائه هي الوقوف يداً واحدة لمنع شرعنة السلاح أولاً ولتحديد موقفهم ومصالحتهم من كل ما يحدث دون التفاف أو مراوغة ثانياً. سيما أن أخطار كثيرة تنتظرهم في المستقبل.
كما لا بد من التذكير أن بيارق الجبل التي سار الثوار تحت ظلها في ثورة ال 25 انت بيارق قرى ومناطق تمثّل الجبل كاملاً وليست بيارق عائلية أو بيارق تمثل عائلة بعينها، بيارق تجمع الشمل ولا تفرقه في وجه عدو محدد، وبهدف واحد وطموح واحد هو نيل الحرية والكرامة والاستقلال لسوريا

اترك تعليق